يا نائــح الطلـحِ أشـــباهٌ عــواديــنا **** نشْجى لـواديــــك أم نأســى لــواديـنا
مـاذا تـقـصُّ عـلـيــنـا غيرَ أنّ يــداً **** قصـَّـتَ جــنــاحك جالت في حــواشينا
رمى بـنـا البـيـن أيـكاً غير سامِرنا **** أخا الغــــريـــب وظـــــلاًّ غيرَ نادينا
كلٌّ رمـتــهُ الـنَّـوى ريشَ الفِراقُ لنا **** سهماً وســــلّ عـليــك البـيـنُ سكــينا
إذا دعا الشوق لم نبرح بمنــصـــدع **** من الجــنــاحــيـــن عـيٍّ لا يُـلبـّـيـــنا
فإنَ يَكُ الجنسُ يا ابن الطَّلْحِ فــرّفنا ****إن المصائب يـجــمــعــنَ الـمُصـابـيـنا
لم تــألُ مــــاءك تــحـناناً ولا ظمأً **** ولا ادِّكاراً ولا شـــجــــواً أفـــانـيـــنا
تـجـُـــرُّ مـن فـــنـــن سـاقاً إلى فَنَنٍ **** وتسحبُ الذيلَ ترتادُ الـمـــؤاسـيـــنا
أساةُ جسمِكَ شتَّى حــيـــن تطلـبـهم **** فمَنْ لــروحـــك بالنّـُـطْـس الـمُداوينا
آهاً لنا نــازحـــيْ أيـــكٍ بـأنــدلسٍ **** وإن حَلَلْنَا رفـيـقــاً مـــن رَوابــيــنـا
رســمٌ وقـفـنا على رســمِ الـوفـاء له **** نَجـيـش بالـدَّمـع والإجـــلال يثنينا
لفــتــيـَـةٍ لا تنال الأرضُ أدمُـعـَـهم **** ولا مَــفــــارقــــهـم إلاَّ مُـصـَـلـّـيـِنا
لو لم يسودوا بـديــــن فــيه منبهةٌ **** للناس كانت لهم أخـــلاقُــهم ديــنا
لم نَسْرِ من حـــــرمٍ إلاّ إلى حــَـــرَم **** كالخـمــر من بابلٍ ســــارت لدارينا
لـمّا نـبـا الخلـدُ نـابت عنه نُسْختُه **** تماثلَ الــــورْدِ خـيـريّـاً ونـسـريـنا
نـسْـقــي ثـراهـمْ ثـناءً كـلَّـما نثرتْ **** دُمــوعُـنا نُـظِـمــتْ مـنــها مراثيـنا
كادت عـــــــيون قــوافينا تحـرّكـهُ **** وكِدْنَ يوقظنَ في التُّـــربِ السلاطـيـنا
لكنَّ مصــرَ وإن أغضــــتْ على مقــةٍ **** عينٌ مـن الخــــلدِ بالكافــور تسقيـنا
على جــوانبها رَفَّتْ تـمــائــمــــنا **** و حــولَ حـــافــاتها قامــتْ رواقينا
ملاعــــبٌ مَــرحَــــتْ فيها مآربُـنا **** وأربـــع أَنِسَـتْ فــــيـها أمـــانينــا
ومطلعٌ لسـعـــــــودٍ مـــن أواخِـرنـا **** و مغـــــربٌ لجُـــدُودٍ مـن أوالــيـــنا
بنَّا فلـم نَخــلُ مـــن روح يراوحـنا **** من بَرّ مصـــرَ وريــحــانٍ يُغــاديـنا
كأمِّ مـــوســـى علـى اسمِ الله تكْفُلُـنا **** و باســمهِ ذهــبـتْ في الـيَـــمِّ تُلقِيــنا